عصير| مقدمة إلى أسفار العهد القديم [وهي مداخل نقدية] - القس هادي غنطوس ،مجلة النشرة ، يصدرها السنودس الإنجيلي الوطني فى سورية و لبنان
متجدد فى نفس المشاركة بإذن الله
طائفة الناشر : إنجيليين . وقد اعتمدت على نسخ موقع المجلة
1
من مقالة : مقدمة إلى أسفار العهد القديم [الحلقة الخامسة و العشرون ] مقدمة إلي سفر إرميا مجلة النشرة ، فصل أول ،عام 2017
رابط تصوير الصفحات المقتبسة :
https://drive.google.com/drive/folders/12HYEPI-5A4Ycf8-ij0pIRdW1XvTMWUzk
يتفق كثير من الباحثين أن الجزء الأكبر من إرميا يعود لما بعد فترة السبي
وأنه مر بمرحلة طويلة من التحرير و إعاداة التحرير
الكثير من التعديلات تنتمي إلى خطوط لاهوتية مختلفة
(بحسب إرميا 1: 1 و 51 : 64 فإن السفر يتضمن «دِبْري» (كلام، أعمال) النبي والكاهن إرميا بن حلقيا الذي كلمه به الرب في السنة الثالث عشرة لحكم الملك يوشيا (حوالي 627 ق.م) وسبي أورشليم (في 586 ق.م). لكن محتوى السفر يظهر أن أساس السفر هو ما قد يعود إلى الفترة التي عاش فيها إرميا، بحسب سفر إرميا، أي بداية القرن السادس قبل الميلاد؛ في حين أن هناك الكثير من المقاطع والتعديلات التي أدخلت على السفر في مرحلة لاحقة وتنتمي إلى خطوط لاهوتية وأيديولوجية مختلفة. ودعونا نشير هنا، على سبيل المثال لا الحصر، إلى أن الوجود الواضح والمثبت لعملية بيع الممتلكات إنما يعود إلى الفترة الهلنستية اليونانية والرومانية، وإلى أن بعض المقاطع في السفر ترسم للنبي صورة معلم للتوراة بطريقة تعود إلى فترة ما بعد السبي.
نتيجة لذلك يتفق كثيرون من الباحثين على أن الجزء الأكبر من سفر إرميا يعود إلى فترة ما بعد السبي (الحقبة الفارسية)، وليس فترة ما قبل السبي؛ وأن السفر قد مر برحلة طويلة من التحرير وإعادة التحرير قبل بلوغه شكله النهائي الذي نعرفه به. سفر إرميا الموجود في كتابنا المقدس اليوم يعود إلى أصوات لاهوتية وأقلام أدبية متنوعة تنتمي إلى مدارس لاهوتية مختلفة، تبدأ في بداية القرن 6 ق.م. وتمتد حتى ترجمة وتأليف النسخة اليونانية السبعينية للعهد القديم في القرن ۲ ق.م. )
مجلة النشرة ، فصل أول ،عام 2017 القس هادي غنطوس ص 4و 5
يوجد الكثير من التناقضات بين نصوص إرميا نتيجة التعديلات الكبيرة و اختلاف المدراس اللاهوتية التي تقف خلفها
اختلافات كبيرة وواضحة فى إرميا بين العبري الماسوري و اليوناني السبعيني
( نظرة أدبية
يتميز سفر إرميا بعدم وجود تسلسل واضح، بالإضافة إلى غياب التوافق والاتفاق، ووجود الكثير من التناقض بين النصوص التي يتضمنها. من يقرأ سفر إرميا يستطيع أن يلاحظ عدم وجود تسلسل زمني للنصوص، وما تشير إليه وترويه. ويعود ذلك، في الدرجة الأولى، إلى التعديلات الكبيرة التي طرأت على السفر خلال فترة كتابته وتطوره، والنصوص الكثيرة التي تم إدخالها في مواضع مختلفة من السفر وأدت إلى فقدان التسلسل الزمني النصوص السفر بشكله الحالي. أما التناقض وغياب التوافق بين نصوص السفر المختلفة فيعود إلى اختلاف المدراس اللاهوتية التي تقف خلفها، كما سنرى لاحقا. بالإضافة إلى ذلك، يعاني سفر إرميا من عدم وجود نهاية واضحة للسفر، حيث أن أصحاحا کاملا ، هو الأصحاح 52، يأتي بعد إعلان انتهاء كلمات (أو أعمال) إرميا في 51: 64.
نتيجة لكل ذلك يصبح وضع بنية هيكلية واضحة للسفر أمر معقدا وصعبا. ومما يزيد في صعوبة الأمر هو تعدد النصوص وأدراج الأسفار التي يشير إليها السفر على أنها متضمنة فيه، بعد أن كانت، بحسب السفر، مستقلة بحد ذاتها في فترة سابقة(30 - 33 ؛ 36 - المخلص:أي ارميا 36: أعداد من 30إلى33 .انتهى) - كما يتميز سفر إرميا بوجود اختلافات كبيرة وواضحة بين نسخته الموجودة في الكتاب المقدس العبري، وتلك الموجودة في النسخة اليونانية السبعينية منه، وبشكل أكبر مما هو موجود في معظم الأسفار الأخرى في العهد القديم. وأهم الاختلافات بين النسختين هي أن نص إرميا الموجود في النسخة السبعينية هو أقصر من نصه الموجود في النسخة العبرية بحوالي 12- 13 ٪، وأن النسخة السبعينية تتضمن حوالي مئة كلمة غير موجودة في النسخة العبرية. كما أن ترتيب محتوى السفر يشهد اختلافا كبيرا بين النسختين بعد الآية25: 13 أ . فبعد عبارة «وأجلب على تلك الأرض كل كلامي الذي تكلمت به عليها»، وعوضا عن عبارة «كل ما كتب في هذا السفر الذي تنبأ به إرميا على كل الشعوب» (25: 13 ب )، يتضمن النص الموجود في الترجمة السبعينية النبوءات ضد الأمم، والتي تمتد من25: 14 إلي31: 44 بدلا من موقعها الموجود في النسخة العبرية (والمعتمد في الترجمة العربية)، حيث تحتل تلك النبوءات الجزء الأخير من السفر (الأصحاحات 46- 51). بالإضافة إلى ذلك، هناك اختلاف واضح بين النسختين في ترتيب وتسلسل تلك النبوءات ضد الأمم. حيث تأخذ في النسخة السبعينية الترتيب التالي: عيلام، مصر، بابل، الفسلطينيون، أدوم، العمونيون، قیدار، دمشق، موآب، تسلسل لا يتميز بأي منطق خاص. في حين تأتي تلك النبوءات في النسخة العبرية (والترجمة العربية) بترتيب مختلف يتجه من الغرب إلى الشرق وتأتي فيه بابل في المركز الختامي، على الشكل الآتي: مصر، الفلسطينيون، موآب، العمونيون، أدوم، دمشق، قیدار، عیلام، بابل. ويمكن تلخيص الترتيب المختلف لأصحاحات سفر إرميا، بين النسختين العبرية والسبعينية، على الشكل الآتي: )
مجلة النشرة ، فصل أول ،عام 2017 القس هادي غنطوس ص 5و 7
و يضع جدول في ص 6 بالاختلاف سواء فى الكملتا أو فى الترتيب بين النص الماسوري و النص السبعيني
أمثلة على اختلاف النظريات اللاهوتية
(نظرة لاهوتية
تشير آخر الأبحاث التاريخية إلى أن إرميا النبي الشخص قد قام بممارسة دعوته ودوره النبويين، وأن كتابة إرميا النبي للسفر بدأت وسط انقسام حاد وصراع شرس بين أربع جماعات مختلفة من الشعب (مسبيي 597 ، مسبيي 586، مسبيي 582، والباقين في الأرض)، كانت تتبنى تياراً من تيارين مختلفين متنازعين في يهوذا. من جهة، تیار قومي يتبع ويتابع سياسة يوشيا ويعلن أن يهوه لا بد وأن يحارب إلى جانب يهوذا، شعبه المختار، في محاولته للتوسع وفي مواجهته مع أعدائه، وعلى رأسهم أمبراطوريات بلاد ما بين النهرين، سواء الأمبراطورية الآشورية، أو من بعدها الأمبراطورية البابلية. ولذا، يدعو هذا التيار يهوذا إلى محاربة جميع «أعدائه» باسم الرب الذي سيحارب عنه؛ ويرى كل سقوط يهوذا عقوبة من يهوه نتيجة لعدم طاعة يهوذا له، ويدعوه بالتالي، مراراً وتكرارا ً بعد كل سقطة، لكي يعود إلى الله ويلتزم بشريعته ويحارب باسمه، واثقا من نصرته له، ومن جهة أخرى، تيار عالمي يرى في أن موت يوشيا يثبت بأن سياسته، واللاهوت الذي يقف وراءها، والذي يعتبر بأن يهوه يحارب إلى جانب يهوذا، شعبه المختار، إنما هو لاهوت وسياسة خاطئان، بما أن يهوه هو إله كل الكون، الذي يرفض أي عنف أو حرب باسمه، ويعلن أن نتيجة عنفٍ كهذا، أو حرب، إنما هي دمار شعبه قبل غيره؛ وعليه، تنتمي جميع أجزاء سفر إرميا ونصوصه المختلفة، والتي تمت كتابتها من قبل جماعات شعب الله المختلفة، والتي تمت إضافتها خلال مراحل كتابته وتطوره المختلفة، والتي امتدت إلى عدة قرون، إلى إحدى هاتين المدرستين اللاهوتيتين اللتين تتبنيان الخطين اللاهوتيين المختلفين والأيديولوجيتين المختلفتين اللتين تقفان بشكل واضح وراء سفر إرميا، الأمر الذي أدى إلى تضمن إرميا لخطين لاهوتيين، وأيديولوجيتين رئيسيتين مختلفين، إلى جانب مجموعة من الإضافات الأخرى.
الخط الأيديولوجي واللاهوتي الأول هو خط يرفض مفهوم المجازاة ورؤية سقوط أورشليم كعقوبة يمكن تـَجَنُّبُها، والقيام بدفع الرب للمحاربة عن الشعب وتخليص الشعب بمجرد التوبة. ولذلك، فهذا الخط يحذر الشعب من محاربة البابليين باسم الرب ومحاولة الاستعانة بالمصريين للتغلب عليهم؛ على العكس، يدعو الشعب إلى الخضوع للبابليين، ويعلن الرجاء للجماعة المسبية، كما للجماعة الباقية (7: 1- 3، 5- 14، 17- 19 ، 30- 34 ؛ 8: 1- 3 ؛ 24: 1- 10 ؛ 25: 9 ب ، 11 ب – 12 أ ، 18؛ 26: 1- 4 ، 6 أ ، 9 أ ، 10- 16 ؛ 27: 1 – 22 ؛ 28: 1- 7 ، 10- 17 ؛ 29: 1 – 7 ، 10 – 14 ، 16- 19 ، 24- 32 ؛ 44: 7 ، 9- 10 ، 12 – 23 ، 26 ، 28- 30).
أما الخط الأيديولوجي واللاهوتي الثاني فهو خط وطني ذو لاهوت تقليدي يتبنى مفهوم المجازاة (الثواب والعقاب) ولذلك يرى سقوط أورشليم كعقاب من الله على خطيئتها. ولذا يعارض هذا الخط، ويهاجم الموقف المؤيدَ للبابليين، ويعلن مجيء الدينونة على يهوذا كما على جميع الأمم الأخرى بما في ذلك بابل، ويعتبر أن سبب تلك الدينونة هو تمرد بني إسرائيل منذ خروجهم وتحررهم من مصر حتى سبيهم وما وراءه رغم كل تحذيرات الأنبياء، الأمر الذي جعل يهوذا يستحق العقاب ومعاناة مصير الأمم الأخرى ذاته. ويدعو هذا الخط يهوذا إلى محاربة البابليين باسم الرب والتعاون مع المصريين في سبيل تحقيق النصر (7: 4، 13 ب ، 15، 16، 20، 21- 28 ؛ 11: 14 ؛14: 11 ؛ 25: 1- 5 ، 8 – 11 أ ، 13 – 17 ، 19 – 33 ؛ 26: 5- 9 ، 17- 19 ، 24؛ 28 : 8- 9 ؛ 29: 8- 9 ، 15 ، 21- 22 ؛ 35 : 1- 19 ؛ 44: 1- 4 ، 11، 27 ).
بالإضافة إلى ذلك، ونتيجة لذلك التنوع اللاهوتي، فإن عدة مقاطع في إرميا تعلن أن فرصة التوبة قد انقضت منذ فترة طويلة، وأن العقوبة آتية لا محالة (14: 11- 12 ؛ 17: 4 ) ؛ في حين أن مقاطع أخرى تعتبر بأن تجنب الدمار القادم ممكن عن طريق التوبة (7: 5- 7 ؛ 18: 1 – 11) . في الوقت ذاته، ينسحب التنوع الموجود في السفر على صورة إرميا نفسه الذي يُعرَف على أنه نبي العقاب (1: 15؛ 28: 8- 9 ؛ 52 ...)، أو النبي الباكي (9: 1 )، ولكن سفر إرميا يتضمن أيضا كلمات رجاء ووعد (3: 12- 18 ؛ 23: 5- 8 ، 31 ؛ 32....)
يعتقد الباحثون أن الخط اللاهوتي المنفتح، «المضاد للأصولية» والمعارض للحرب باسم الرب هو الخط الأساسي لسفر إرميا ويعكس لاهوت إرميا النبي، الذي يتبنى في السفر لاهوت رجاء يدعو إلى قبول الدمار على أنه جزء من الحياة لا يمكن تجنبه، ولا يمكن مواجهته إلا بالحياة والنمو والثقة بوجود إله حياة - لا حرب، يرافق شعبه في كل زمان ومكان. بالمقابل، يعود الخط اللاهوتي «الأصولي» الموجود في إرميا إلى مدرسة لاهوتية تقليدية لم يعجبها موقف إرميا ولاهوته ودعوته، فقامت بإدخال نصوص كثيرة، وإجراء تعديلات كثيرة في السفر، لمواجهة لاهوت إرميا المنفتح بلاهوت تقليدي يصر على مفهوم المجازاة، ويرى المعاناة كعقاب إلهي، ويدعو إلى محاربة «الأعداء» باسم الرب الذي هو إله إسرائيل دون سواها.
انطلاقاً من هذا، يتميز سفر إرميا بأنه يقدم مفاهيم لاهوتية متنوعة عن الله والحياة واختبارات جماعة الإيمان المختلفة لحياتها، في ضوء إيمانها وعلاقتها بالرب، وبأنه يتضمن حوارا ً لاهوتياً حياً فريداً في السفر نفسه بين الأصوات اللاهوتية المتناقضة والمتعاكسة التي تقف وراء السفر، والتي تتحاور وتتواجه حول من يتمتع بفهم أفضل للتاريخ ولعلاقة ذلك بالإيمان، وتجعل أي قراءة تعتمد خطة لاهوتياً واحداً لسفر إرميا - قراءة أخفقت في إدراك غنى السفر ورسالته.)
مجلة النشرة ، فصل أول ،عام 2017 القس هادي غنطوس ص 9 إلى 11
( يمثل سفر إرميا نموذجا مهما لأسفار الكتاب المقدس المختلفة، والرحلة الطويلة من التحرير، وإعادة التحرير، والصراع اللاهوتي الذي عاشته معظم هذه الأسفار في قبل بلوغها شكلها النهائي الموجود في الكتاب المقدس. ويمثل سفر إرميا، بحد ذاته، مكتبة لاهوتية غنية تقدم لمن يُبْحِر فيها حوارا ً لاهوتيا ً مهما بين مجموعة من الأصوات والمدارس اللاهوتية المختلفة والمتناقضة، والتي تمثل مرآة للمواقف اللاهوتية المختلفة التي نتبناها في فهمنا لله وللحياة.)
مجلة النشرة ، فصل أول ،عام 2017 القس هادي غنطوس ص 11
(كما يُظهر لنا سفر إرميا أن النبي الكتابي الحقيقي ليس شخصاً عاش في زمن معين، ولكنه سفر عاش رحلة طويلة من التطور والتحرير قبل بلوغه شكله النهائي الموجود في الكتاب المقدس اليوم. )
مجلة النشرة ، فصل أول ،عام 2017 القس هادي غنطوس ص 11
ثم يتابع يحاول أن يصوغ تبريرا اللاختلافات اللاهوتية الموجودة بين ثنايا السفر كما لو كانت قصدا من الله لتعلمنا رسالة مهمة !
---------------------------------------------
2
من مقالة : مقدمة إلى أسفار العهد القديم [الحلقة السادسة و العشرون ] مقدمة إلي سفر المراثي مجلة النشرة ، الفصل الثاني ،عام 2017
رابط تصوير الصفحات المقتبسة :
عن سفر المراثي يقول القس:
(في التقليد اليهودي، اسم السفر هو قينوت، والذي يعني"مراثي"، كما هو الحال في التلمود البابلي وغيره من الكتابات التي تعود إلى الفترة ذاتها. وتتفق النسخة اليونانية، ومن بعدها اللاتينية، مع تسمية هذا السفر بسفر المراثي (ثرينوي باليوناني، وثريني باللاتيني)
وفي مرحلة لاحقة، أضافت مخطوطات وترجمات كثيرة إلى اسم السفر «المراثي» عبارة «إرميا» أو «إرميا النبي»، ليصبح اسم السفر «مراثي إرميا» أو «مراثي إرميا النبي»؛ الأمر الذي يرتبط بالتقليد الشائع حول نسب تأليف السفر للنبي إرميا. وسنرى في سياق هذه الدراسة فيما بعد معاناة مثل نسب كهذا من ضعف شديد من الناحية التاريخية.)
مجلة النشرة ، الفصل الثاني ،عام 2017 القس هادي غنطوس ص 117
لا يوجد شيء يدعم نسبة المراثي لـ إرميا ، هذه النسبة تعني من ضعف شديد ومفتقرة إلى إي اثبات أو دليل
(أما فيما يتعلق بكاتب السفر، فإن الموقف التقليدي ينسب السفر إلى إرميا، رغم عدم وجود أي شيء في السفر يشير إلى هذا، أو يدعمه. ومن الواضح أن هذا الموقف التقليدي، والذي ينبع من التوجه العام في الكتاب المقدس لنسب الأسفار المختلفة إلى شخصيات مهمة في حياة شعب الله، كموسی وداود وسليمان، يعاني من ضعف شديد، ويفتقر إلى أي اثبات أو دليل. ومن المثير للاهتمام أن هذا الموقف التقليدي إنما يبنى على الإشارة إلى بكاء إرميا في السفر الذي يحمل اسمه (إر 9: 1 )، وإلى رثائه ليوشيا الملك (2 أخ 35: 25 ) وانطلاقاً من ذلك، تضيف النسخة اليونانية السبعينية العبارة التالية في افتتاح سفر المراثي: «...جلس إرميا يبكي، وألف المراثي التالية عن أورشليم، وقال...»، وتضع السفر ضمن الأسفار المنسوبة إلى إرميا، بعد إرميا وباروخ.
ولكن، كما أشرنا منذ قليل، لا تضع النسخة العبرية للعهد القديم سفر المراثي مع سفر إرميا، وبالتالي يشير إلى عدم نسبه أساسا إلى إرميا؛ الأمر الذي يتفق مع طبيعة السفر، والذي هو بوضوح عبارة عن تجميع لخمس قصائد رثاء مختلفة لا تحمل أي منها اسم لكاتبها، تتفق جميعها في أمرين اثنين، وهما: موضوعها الذي يدور حول دمار المدينة والهيكل، وأسلوب كتابتها المتميز، والذي يتبع بأشكال مختلفة تسلسل الأبجدية العبرية (acrostics).)
مجلة النشرة ، الفصل الثاني ،عام 2017 القس هادي غنطوس ص 118
وقد ذكر المؤلف سابقا ص 117 أن السفر ينتمي فى النسخة العبرية إلى قسم أسفار "الكتابات " في حين أن النسخة السبعينية يأتي بعد سفر إرميا
تحت عنوان رسالة سفر المراثي لنا اليوم :
( وسفر المراثي يعلن لنا بأننا نستطيع أن نسكب قلوبنا، ونعبر عن حزننا، ونصرخ محتجين في وجه إلهنا الذي يعرف جبلتنا واختبر ضعفنا وآلامنا، ويقبل صرخاتنا حتی بوجهه. )
مجلة النشرة ، الفصل الثاني ،عام 2017 القس هادي غنطوس ص 120
مقدمة إلي سفر هوشع
قسم المؤلف السفر إلى 3 أقسام :
*الفصول من 1 إلى 3 إضافة لاحقة ومتأخرة جدا(ليست أقدم من النصف الـ2 من القرن الـ5)
* الفصول من 4 -11 هي الجزء الأساس و الأقدم ، بضع الأجزاء يعود للنصف الـ 2 من القرن ال8. ق.م وقد تم تجميعها و تطويرها و إضافة أجزاء عليها خلال القرن الـ7 ق.م [سنعلم لاحقا أنه خضع لرحلة تحرير طويلة]
* الفصول من 12- 14 يعةد للقرن الـ6 ق.م
( من الواضح، بالنسبة للمختصين اليوم، أن (هو 1: 1 ) إضافة لاحقة ومتأخرة جدا للسفر، هي وكل القسم الأول (1- 3) من السفر، في حين أن القسم الثاني (4- 11 ) هو الذي يمثل الجزء الرئيس والأساس، بل والأقدم في سفر هوشع، سواء من حيث التأليف أو من حيث التقليد. ويتفق معظم الباحثين حاليا على أن بعض أجزاء هذا القسم إنما تعود فعلا إلى النصف الثاني من القرن ۸ ق.م، وبالتحديد زمن حكم الملك الأخير على عرش المملكة الشمالية، والذي لم يكن اسمه سوی هوشع (2 ملوك 17: 1 – 6 ). وبالتالي، فالكثير من الباحثين المختصين يعتبرون حاليا أن اسم السفر لا يشير إلى كونه، أو بالأحرى كون الجزء الأقدم والأساس فيه، مكتوبة من قبل هوشع أو بيد هوشع، ولكنه يدور حول هوشع، الملك الأخير على عرش السامرة في عشرينيات القرن ۸ ق.م. وبالتالي، فإن هذه الأجزاء التي تعود إلى تلك الفترة، والتي كانت تدور حول الملك هوشع، قد تم تجميعها وتطويرها معا وإضافة أجزاء عديدة عليها خلال القرن ۷ ق.م لتشكيل القسم الثاني (4-11) والأساس للسفر، الذي أصبح يدعى فيما بعد سفر هوشع. ويعتبر الباحثون أن القسم الثالث (12 – 14 ) يجب أن يعود إلى القرن السادس ق.م، في الوقت الذي لا يمكن أن يعود القسم الأول (1-3) إلى فترة تسبق النصف الثاني من القرن 5 ق.م، ومرحلة العودة من السبي وإعادة بناء أورشليم والهيكل، وذلك بسبب الموقف السلبي جدا ً الذي يتضمنه هذا القسم من السفر من السامرة والسامريين.)
مقدمة إلي سفر هوشع مجلة النشرة ، الفصل الثالث ،عام 2018 ص 54و 55
*سفر هوشع وُضع على عدة قرون
(كما ذكرنا أعلاه، يتفق الباحثون اليوم على أن (هو1: 1) والذي يشير إلى أن نبوءات هوشع إنما تعود إلى فترة حكم ملوك يهوذا عزيا، يوثام، آحاز وحزقيا، وفترة حكم ملك إسرائيل يربعام الثاني، هي إضافة لاحقة للسفر، كون يربعام الثاني هو الملك الشمالي الوحيد الذي يذكره السفر، الذي من المفترض أن النبي الذي يقف وراءه قد عاش في المملكة الشمالية؛ الأمر الذي يشير إلى معرفة كاتب هذه الآية بملوك يهوذا أكثر من معرفته بملوك إسرائيل. كما أن قراءة السفر تشير، كما قرأنا أعلاه، إلى كونه قد كتب خلال فترة طويلة من الزمن تمتد لعدة قرون، وإن كانت كتابته من الممكن أن تكون قد بدأت في النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد.)
مقدمة إلي سفر هوشع مجلة النشرة ، الفصل الثالث ،عام 2018 ص 55
يُنصح لتكون صورة واضح عما يذكره المؤلف مراجعة التسلسل الزمني لأحداث العهد القديم من: الكتاب المقدس الدراسي (الذى خصص أعلى الصفحة للمملكة الشمالية"إسرائيل" و أسفل الصفحة المملكة الجنوبية "يهوذا" ) مع اختلاف فى تأريخ الحقب مع ما ذكره المؤلف حول يربعام كونها تواريخ تقريبية
*أساس السفر خضع لرحلة تحرير طويلة
(وعليه فالباحثون يعتبرون اليوم أن أساس السفر يدور حول حكم الملك هوشع وهو ما يقف خلف اسم السفر الذي يشير إلى كونه يدور حول الملك الأخير على عرش السامرة، هوشع بن أيلة، وليس إلى كونه مكتوباً بيد نبي يدعی هوشع. بالطبع هذا
الأساس قد خضع لرحلة طويلة من التحرير والاضافات قبل أن يصل إلى سفر هوشع بشكله النهائي الذي نعرفه به اليوم.)
مقدمة إلي سفر هوشع مجلة النشرة ، الفصل الثالث ،عام 2018 ص 56و 57
مقدمة إلي سفر يوئيل
( نظرة تاريخية
العبارة الافتتاحية في سفر يوئيل (1:1) لا تتضمن أية معلومات "تاريخية" عن كاتب السفر أو عن زمن كتابته. كما أن اسم السفر "يوئيل" هو في الواقع عبارة تتألف من جزئين؛ الصيغة المختصرة للاسم الإلهي «یهوه» (المترجم باللغة العربية الرب»، «یو» وهو الاسم الإلهي «إيل» (المترجم باللغة العربية «الله»). وبالتالي، فاسم السفر يعني «الرب هو الله».)
مقدمة إلي سفر يوئيل مجلة النشرة ، الفصل الثالث ،عام 2018 ص 59
ثم يقول :
( وتمتد التواريخ المقترحة لكتابة يوئيل لعدة قرون منذ ما قبل السبي إلى ما بعده. لكن أية دراسة جدية لمحتوى السفر لا تستطيع إلا أن تدرك أن العديد من المفاهيم والتعابير في السفر تعود حتما إلى مرحلة ما بعد السبي؛ الأمر الذي يجعلنا نعتبر بأن السفر لم يبلغ شكله النهائي الذي نعرفه به إلا في مرحلة متأخرة بعد السبي.)
مقدمة إلي سفر يوئيل مجلة النشرة ، الفصل الثالث ،عام 2018 ص60
اقتباسات قد تفيد
(إذا ما استثنينا سفر أيوب، فإن سفر هوشع قد يكون السفر الذي يتضمن أكثر المقاطع والتعابير صعوبة وغموضا في كل العهد القديم. وكثيرا ما ينظر لنص السفر، تقليدياً، على أنه أحد أقل نصوص العهد القديم من حيث توافر نسخ موثوقة عنه في المخطوطات القديمة. فلم يعثر بين مخطوطات البحر الميت إلا على مقطع صغير منه، يضم أجزاء من (هوشع ۱: 7- 2 : 5).)
مقدمة إلي سفر هوشع مجلة النشرة ، الفصل الثالث ،عام 2018 ص 53
التعريف بالمؤلف :
القس د. هادي غنطوس، من مواليد دمشق، سورية.
حاصل على شهادة شهادة ماجستير في الألوهيات (2003)
وماجستير في اللاهوت المقدس – العهد القديم (2007) من كلية اللاهوت للشرق الأدنى في بيروت،
مدرّس مادة العهد القديم في كلّيّة اللاهوت للشرق الأدنى (2006-2012).
ودكتوراه في العهد القديم من جامعة بيرن، سويسرا (2010).
يشغل حالياُ منصب أمين سر لجنة الشؤون الكنسية والروحية في السينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان(2016-).
هو عضو في الرابطة الكتابية في إقليم الشرق الأوسط (2007-)، وعضو في الاتحاد الأوروبي للدراسات الكتابية (European Association for Biblical Studies)، كما ويمثل العائلة الإنجيلية على دائرة اللاهوت والعلاقات المسكونية في مجلس كنائس الشرق الأوسط.
، وراعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في منيارة، عكار، لبنان.
له كتب وأبحاث ومقالات عديدة بالعربية والإنكليزية والفرنسية والألمانيّة في مجال الكتاب المقدس، اللاهوت وحوار الأديان، وبشكل خاص في مجال العهد القديم
اهدي هذا العمل بشكل خاص إلى الأستاذ الكريم أحمد سبيع ، فك الله أسره ،ورده سالما إلى أهله ، وحفظه من كل مكروه و سوء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق