السبت، 9 أبريل 2016

كيف يدعو الإسلام إلى الإيمان بكتب محرفة؟


هذا سؤال غالبا ما يتردد فى أذهان النصارى ومفتاح الاجابة عن هذا السؤال هو بيان أن الكتب التى نؤمن بها نحن المسلمون تختلف عن تلك التي بين يد النصارى و إليك ضروب من تلك الاختلافات 
أولا فأننا كمسلمون نؤمن بأن التوراة والزابور و الإنجيل هي وحي الله تعالىالذى يلقبه النصارى زورا بالأقنوم الآب- فى حين أن إيمان النصارى فى الكتب المتادولة عندهم أنها وحي الروح القدس
ثانيا نؤمن بأن التوراة وحي الله لموسى في حين أن المحققين من علماء النصارى يقولون أنها كتبت يقينا بعد وفاة موسى بفترة طويلة وأنها من نتاج أربعة مصادر. و نؤمن بأن الزابور هو وحي الله لداود فى حين أن المحققين من علماء النصارى يقولون أن المزامير قد تعاقب على كتابتها عدة أشخاص و الإنجيل هو وحي لعيسى في حين أن الأناجيل التى بين يدي النصارى لا تنسب أحدها للمسيح بل لا يتوفر فيها الدليل على أن المسيح قد أمر بكتابتها وقد دونت تلك الأناجيل بعد ما يزيد عن ربع قرن على الأقل من صعود المسيح. ودليلنا على ما سبق ذكره قول الحق
وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ "سورة الإسراء :2"
وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا "سورة الإسراء : 55"
وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ"سورة المائدة: 36"
ثالثا فأنه فى حين أننا نؤمن بأن الإنجيل مثلا كتاب منزل من الله نجد أن فكرة الإنزال مناقضة لفكر أغلب النصارى عن الوحي ،الذى ألهم الروح القدس كتبتها بكلمات يعبرون بها عن قصد الله وهو ما يتعارض مع ماهية الإنجيل الذى نؤمن به يقول الحق
وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ "سورة آل عمران : 3"
 
[المسيحيون لا يؤمنون بأن الكتاب المُقدَّس كتاب نزل من السماء بكل كلماته وحروفه, ولكنهم يؤمنون بالوحي: فقد دوَّن «أناس الله القديسون» كلمات الكتاب المُقدَّس, كلٌ بأسلوبه المتميز ومُفرداته الخاصة. إلا أنهم جميعاً كاوا «مسوقين من الروح القدس» أي محمولين أو مدفوعين بعمل الروح القدس فيهم, تماماً كما تدفع الرياح السفن.]

عبد المسيح اسطفانوس: تقديم الكتاب المُقدَّس (تاريخه, صحته, ترجماته), ط. دار الكتاب المُقدَّس – صـ22.
· فهيم عزيز: المدخل إلى العهد الجديد – صـ76 (هذا الأمر يختلف عما يقوله الإسلام من أن الإنجيل نزل على يسوع أو (عيسى) بلغة القرآن, فالمسئول الأول عن كتابة هذا الكتاب الذي نسميه العهد الجديد ليس يسوع بل المسيحيين, سواء من الجيل الأول أو من الجيل الثاني من التلاميذ. وهذا الكتاب ليس كتاباً أزلياً كان محفوظاً في اللوح المحفوظ, لكنه كتاب نشأ في وسط الكنيسة وبواسطتها ومن أجلها.)
( إن العنوان الذى تحمله أناجيلنا منذ البدء مهم : "فالأمر لا يتعلق بإنجيل نزل من السماء ، بل إنجيل بحسب القديس متى و القديس مرقس ... أي الإنجيل كما أدركه المؤمنون )
من الأناجيل إلى الإنجيل - أتيان شربنتييه - دار المشرق ص 102

رابعا  فأن الإنجيل الذى نؤمن به يبشر بشكل قاطع بمحمد صلى الله عليه وسلم
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ "سورة الاعراف : 157" في حين أن ما من نصراني يؤمن-ظاهريا- بأن الكتب التى بين يديه تبشر بالنبي محمد.
خامسا فأن الأنبياء الذين حكموا بالتوراة مثلاً هم مسلمون بما يوضح بشكل قاطع أن التوراة التى نؤمن بها قد دعت للإسلام
إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ "سورة المائدة : 44" وهو ما يرفضه النصارى –ظاهريا- فيما بين أيديهم من الكتب

ومن الرائع أن نجد اعترافات بأن أنبياء العهد القديم لم يكونوا أبدا كمسيحيين
( الله يتكلم  إذا ولكنه يتكلم شيئا فشيئا و تدريجيا . يقول للإنسان ما فى امكان الانسان أن يسمعه فى ذلك الحين . ليس موسى مسيحيا ً و لا إرميا. )
العهد القديم لزماننا الحاضر- صبحي حموي اليسوعي ط 2 – دار المشرق بيروت ص 19  

( 2. سيرة الآباء ( تك 12- 50)

(.....)

هذا الإيمان التوحيدي عند ابراهيم هو خطوة أولى فى الاتجاه نحو ايمان موسى و الانبياء
(.....)
كان الآباء يتجنبون كل عبادة منافية للاخلاق ولكنهم كانوا بعيدين عن الكمال ،فلا يمكننا أن نجعل منهم مسيحيين قبل وجود هذا اللفظ.)
العهد القديم لزماننا الحاضر- صبحي حموي اليسوعي ط 2 – دار المشرق بيروت ص 76
ملاحظة لا يؤمن النصارى بعصمة الانبياء أما نحن فنقول بعصمتهم و باثبات الكمال البشري لهم

سادسا ً: نظرتنا لكتبهم تتماثل مع نظرنا لما يسمونه أبوكريفا  - أي الكتب التى يرونها مزورة كإنجيل بطرس و توما و غيرهما - ،فنحن نصدق ما توافق مع القرآن و صحيح السنة و نكذب ما عارضهما ونسكت عما وراء ذلك فلا نكذب ولا نصدق ما لم يرده حياله خبر فهل يرضى النصارى بنظرتنا تلك التى تسوى بين كتبهم وكتب الأبوكريفا من حيث القبول و الرفض و السكوت  بذلك 
هل يعلم السائل أن الأناجيل الأربعة -المعترف بها حاليا- لم يكن معترفا ً بها على أنها كتاب مقدس مساوى للمكانة للعهد القديم عقب كتابتها مباشرةً و إنما جرى الأعتراف بذلك فى أواسط القرن الثاني !!
 (ـــ قبل أواسط القرن الثاني لم يكن معترفا ً بالأناجيل على أنها كتاب مقدس .فى نصوص الآباء الرسوليين نلاحظ عددا ً قليلا ً جدا ً من أقوال الرب تقدم كسفر مقدس .
بالطبع نجد فيها كلمة (إنجيل (....) ) بالمفرد ، إلا أن هذا المصطلح لا يدل على الكتاب أو الكتب التى تتضمنه و إنما يدل على كرازة الكنيسة عن المسيح. )
تاريخ قانون العهد الجديد- ترجمة عامر خميس من كتاب مدخل إلى العهد الجديد لـ يوحنا كرافيذوبولوس- بطريركية أنطاكية و سائر المشرق للروم الأرثوذكس ،ص 6
وتلك ضروب من الاختلافات بين الكتب التى نؤمن بها والكتب التى يقدسها النصارى وهناك من الأمور الأخرى تثبت أن الكتب بين أيديهم تتنفى مع ما يؤمن به المسلم حول التوراة والإنجيل كنسبة النقص لله و للأنبياء و غير هذا مما قد يطول شرحه لذا نكتفى بما سبق.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك المنشور

موضوعات ذات صلة

موضوعات مشابه